المثل الاعلى العجوز في
الطريق ساعة تحدثه ، وكان يساعد أهله ويؤانسهم ، فإذا جاء موعد الصلاة أسرع
إليها وقال : ( أرحنا بها يا بلال )(أحمد) .
وكان يوجه أصحابه ويعلمهم ، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من
حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )(ابن ماجه) .. ويأمر الصغير باحترام
وتوقير الكبير، والكبير برحمة الصغير، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا )(الترمذي) ..
وحفاظا على علاقة المسلم بأخيه ، وعدم إيذائه ، وتعاونه معه ، والسعي في مساعدته ، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ، من أجل أن ذلك يحزنه )(البخاري)، ويقول : ( المسلم
أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في
حاجته ، ومن فرَّج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ،
ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )(البخاري) .
يغرس في أصحابه ـ والمسلمين من بعدهم ـ روح السماحة والعدل والمساواة ،
ويعلمهم أن قيمة الإنسان بدينه وعمله ، وليس بحسبه ونسبه وجنسه ، فيقول ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : ( رحم الله رجلا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى )(البخاري)، ويقول: ( يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، وايم الله (أقسم بالله) لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها )(البخاري) ..
ويقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( يا أيها الناس : إن
ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على
عربي ، ولا لأحمر على أسود ، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }(الحجرات: من الآية13) ، ألا هل بلغت ؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فيبلغ الشاهد الغائب )(أحمد) ..
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه )(مسلم) ..
لقد كانت وستظل حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعاليمه وهديه ، منهجا
ونبراسا للأمة الإسلامية ، ومخرجاً لها من كل مؤامرات أعدائها ، وسبيلا
لسعادتها وأمنها ، وطريقا لبناء المسلم السوي والمجتمع المثالي ..
ولئن انتقل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جوار ربه ، فإن الله قد
حفظ لنا سنته ، وبقيت سيرته خالدة شاهدة على سمو روحه ، وكمال نفسه ، ورفعة
أخلاقه ، فما على من أراد الاقتداء به إلا مطالعتها والعمل بما كان عليه ـ
صلى الله عليه وسلم ـ ، قال الله تعالى : { لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21) ..